recent
اخر الأخبار

دور الأسرة والمجتمع في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بقلم الأستاذ الدكتور جمال شفيق

specialegypt
الصفحة الرئيسية

دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة

أخر تحديث 31 مايو 2025
تُعد رعاية ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع على حد سواء. فهؤلاء الأفراد، الذين يمتلكون قدرات فريدة واحتياجات خاصة، يستحقون بيئة حاضنة توفر لهم كل سبل التنمية والاندماج. 

يناقش هذا المقال، بقلم الأستاذ الدكتور جمال شفيق، أستاذ الدراسات النفسية بجامعة عين شمس، الدور المحوري لكل من الأسرة والمؤسسات الاجتماعية في تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة وتحسين جودة حياتهم.

صورة الأستاذ الدكتور جمال شفيق، خبير الدراسات النفسية، يرتدي نظارة شمسية وربطة عنق حمراء، ويبدو في وضع متحدث.
الأستاذ الدكتور جمال شفيق، أستاذ الدراسات النفسية بجامعة عين شمس.

الأسرة: الركيزة الأولى لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة

تُشكل الأسرة النواة الأولى والرئيسية في حياة الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة. فهي أول مؤسسة اجتماعية تربوية تستقبله وتحتضنه، وتعمل على توفير كل أساليب الرعاية الأسرية المتوافقة مع حالته واحتياجاته الفريدة. 

ومع ذلك، فإن اكتشاف وجود طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في الأسرة غالبًا ما يضع الوالدين أمام سلسلة من التحديات والأزمات غير المتوقعة.

فالوالدان، في كثير من الأحيان، لا يكونان مؤهلين للتعامل مع هذه المستجدات، وقد يواجهان العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية. هنا تبرز الحاجة الماسة إلى الإرشاد النفسي المتخصص الذي يمكنهما من التكيف مع هذه الأزمة غير المتوقعة وتجاوزها بنجاح.

من المهم فهم أنه لا توجد طريقة واحدة لتفاعل جميع الأسر مع وجود طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة. فردود فعل كل أسرة تعتمد بشكل أساسي على عدة عوامل متداخلة، منها:
  • التكوين الاجتماعي والنفسي والاقتصادي والثقافي والتعليمي للأسرة.
  • مدى الإعاقة ونوعها ودرجتها.
  • كمية الدعم الذي تتلقاه الأسرة من الأقارب والأصدقاء والأخصائيين.

إرشادات نفسية وتربوية لدعم أسر ذوي الإعاقة

لتعزيز قدرة الأسر على احتواء ودعم وتنمية أبنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، نقدم مجموعة من الإرشادات النفسية والتربوية المهمة:
1- التقبل والحب غير المشروط: اقتنعوا بأن عليكم واجبًا أبويًا وأخلاقيًا ودينيًا وإنسانيًا تجاه ابنكم أو ابنتكم. يبدأ هذا الواجب بالابتسامة الدافئة والحب والتقبل غير المشروط، وتقديم المساعدة والحماية، وتعليمه ما يمكنه من خدمة نفسه والآخرين.

2- تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات: أظهروا إحساسًا حانيًا بوجوده، وسلموا بإمكانياته واعترفوا بها مهما كان مستواها. عززوه وشجعوه عند إحراز أي نجاح، مما يدعم ويزيد لديه من مشاعر تقدير الذات وتقبلها والثقة بالنفس.

3- التدريب على المهارات الحياتية اليومية: ابذلوا أقصى جهد ممكن في التدريب والتعليم على ممارسة المهارات اليومية الحياتية، مثل تناول الطعام، ارتداء الملابس، الاستحمام، النظافة الشخصية، والمشاركة في الأعمال المنزلية التي تناسب وعيه وقدراته.

4- التعاون مع المؤسسات المتخصصة: وفروا المعالجة الطبية والتأهيل النفسي والاجتماعي من خلال التعاون المشترك والفعال مع المؤسسة المختصة بحالته.

5- تجنب التكليف بما يفوق القدرات: لا تكلفوه بأي أعمال تفوق فهمه أو إدراكه أو قدراته، حتى لا يصاب بالإحباط أو الشعور بالعجز أو النقص أو عدم القيمة.

6- الابتعاد عن السخرية والمقارنة: لا تسخروا منه أو تستهزئوا به، أو تعايروه أو تذكروه بما هو عليه، حتى وإن كان ذلك بهدف المزاح أو المداعبة. تجنبوا أسلوب المقارنة مع إخوته أو أقاربه أو أبناء الجيران لإثارته أو زيادة دافعيته للإنجاز.

7- توازن في الدعم: ابتعدوا عن الحماية المفرطة أو الخوف الزائد، لأن ذلك يعوق لديه عمليات التعلم والمشاركة والمواجهة والاستقلالية. وفي المقابل، لا تفرطوا في التدليل أو تستسلموا لنفاذ الصبر واليأس؛ يجب وضع في الاعتبار أن واقع الإعاقة هو أمر مستمر وليس مؤقتًا.

8- فهم طبيعة الإعاقة: تعرفوا بكل دقة ووضوح على طبيعة الإعاقة التي يعاني منها وتطوراتها ومضاعفاتها، حتى يمكن التعامل معها بالأسلوب المناسب والسليم.

9- عدم العزل الاجتماعي: لا تعزلوه بأي حال من الأحوال وتمنعوه من مقابلة الضيوف والآخرين والأهل والأقارب. اسمحوا له بممارسة حياته الاجتماعية ومعايشتها بلا أي تحفظ أو خجل.

10- التحلي بالصبر والتفهم: لا تتوقعوا الكثير منه، ولا تلجأوا إلى إهانته أو عقابه أو التعامل معه بأسلوب عنيف أو قاس، حتى إذا أخطأ.

11- اتباع إرشادات المتخصصين: لا تنصاعوا وراء آراء بعض الأقارب والأصدقاء. يجب باستمرار اتباع إرشادات وتوجيهات الأطباء والمعالجين والأخصائيين، والتواصل المستمر معهم، وإعلامهم بأي مستجدات ومعرفة كيفية التعامل معها. 
12- تجنب استدرار العطف: لا تفسحوا المجال للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة لاستدرار العطف والشفقة من الآخرين ليحصل على امتيازات ومكاسب ليست من حقه.
13- التواصل وتبادل الخبرات: تواصلوا مع بعض الأسر الأخرى التي لديها أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بهدف تبادل الخبرات والدعم، وأيضًا تنظيم الجهود المشتركة بفاعلية وفهم.


دور مؤسسات المجتمع في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة

فيما يختص بدور المجتمع في رعاية وتنمية ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد بات من المؤكد أنه من واجبات ومسؤوليات جميع أفراد المجتمع أن يكونوا مؤهلين ولديهم وعي كاف ودراية شاملة وثقافة متفتحة ناضجة ومتفهمة لكيفية التعامل السليم والصحيح مع كل فئات ذوي الاحتياجات الخاصة.

يجب إعداد وتهيئة وتنمية ثقافة المجتمع لتقبلهم والابتعاد عن التعامل الخاطئ معهم بعطف وشفقة ورثاء. بل يجب العمل على إجراء تغييرات جذرية في أساليب التعامل والممارسات الحياتية والتفاعلات والنقاشات للسعي إلى اكتساب المزيد من المهارات اللازمة لدعمهم. 
هذا كله كفيل بضمان استمرارهم وتواصلهم وتفاعلهم في الحياة العامة، والتكيف مع الواقع، وتنمية ذواتهم، وتحمل المسؤوليات الشخصية والاجتماعية.
وهذه إرشادات وتوصيات تربوية للمجتمع لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة
  1. احتواء ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة: يجب دمجهم في المجتمع وعدم وضع الإعاقة حاجزًا بينهم وبين انخراطهم في الحياة العامة. يبدأ احتواء الأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة بتغيير أفكارنا واتجاهاتنا ومعلوماتنا المغلوطة عنهم.
  2. توفير بيئة إيجابية حاضنة: وفّروا لهم بيئة إيجابية، حاضنة، آمنة، متقبلة، ومرحبة. نمّوا روح الحب والاحترام والتقدير، وذلك من خلال التخطيط والتنفيذ للأعمال الجماعية التي تشركهم.
  3. تجنب الثناء المبالغ فيه: تجنبوا الثناء على ذوي الاحتياجات الخاصة عند قيامهم بأعمال عادية مثل الأشخاص الآخرين، لأن ذلك قد يشعرهم بمدى ضعفهم واختلافهم وعدم مساواتهم مع الآخرين، مما يسبب لهم الإحراج.
  4. طلب الإذن قبل المساعدة: تجنبوا القيام بمساعدة أي شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة دون استئذانه عما إذا كان بحاجة إلى هذه المساعدة من عدمه.
  5. التحلي بالصبر والتفهم: تحلّوا بالصبر عند التعامل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أنهم قد يستغرقون وقتًا أطول في الحركة بالمرافق العامة. بالتالي، يجب عدم الضغط عليهم أو استعجالهم لأن ذلك يؤثر بشدة على جرحهم نفسيًا.
  6. التحدث بشكل طبيعي وإيجابي: تحدثوا مع ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل طبيعي وإيجابي وبدون مبالغة، مع الابتعاد تمامًا عن إظهار الشعور بالضيق أو التحدث عن مشاكلهم أو إعاقتهم الخاصة بهم.
  7. إظهار الابتسامة الراقية: أظهروا الابتسامة الرقيقة الإنسانية الراقية عند التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بصفة عامة وفي جميع الأحوال والظروف.
  8. تجنب التحديق وردود الفعل العاطفية: تجنبوا التحديق أو إظهار أي رد فعل عاطفي متأثر عند رؤية أي شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة لعدم إشعاره بالحرج والاختلاف.
  9. تغيير المصطلحات: عدم استخدام مصطلح "المعاق" في الحديث عن ذوي الاحتياجات الخاصة أو معهم. الأصح هو الإشارة إليهم كـ "أشخاص لديهم إعاقة معينة" أو "ذوي الاحتياجات الخاصة" لتجنب الوصم.
  10. التواصل المباشر: تحدثوا مع ذوي الاحتياجات الخاصة شخصيًا وبشكل مباشر، إذا كانت حالتهم أو قدراتهم تسمح بذلك، وليس إجراء الحديث مع من معهم أو بجانبهم، لأن ذلك يجرحهم ويؤثر عليهم بشكل سلبي.

الخلاصة: نحو مجتمع دامج 

لقد اتضح لنا جليًا وبصورة مؤكدة، أن الرعاية والتنمية المشتركة من قبل الأسرة والمجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة يمكن أن توفر كافة الخدمات التربوية والنفسية والاجتماعية والطبية والثقافية والتعليمية والترفيهية لهم. 
هذا الدعم الشامل يمتد ليشمل الأفراد المهمين في حياتهم، مثل الآباء والأمهات، الأخوة والأخوات، المعلمين في المدرسة وزملائهم، وأخصائيي الرعاية والتدريب والتأهيل.
من خلال هذه الرعاية المتكاملة، يمكن تحسين جودة الحياة لذوي الاحتياجات الخاصة، وزيادة رضاهم عن الحياة، والوصول بهم إلى رؤية إيجابية للحاضر والمستقبل. إن بناء مجتمع دامج وواعٍ هو مفتاح تمكين هذه الفئة العزيزة من الأفراد ليصبحوا أفرادًا فاعلين ومنتجين.
هل لديك أسئلة أخرى حول كيفية تعزيز دور الأسرة والمجتمع في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، أو ترغب في استكشاف جوانب أخرى من هذا الموضوع؟

google-playkhamsatmostaqltradent